الرومانسية و الشجن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسم اللّه الرّحمَن الرّحيم

اذهب الى الأسفل

بسم اللّه الرّحمَن الرّحيم Empty بسم اللّه الرّحمَن الرّحيم

مُساهمة  جون المصري الأحد ديسمبر 13, 2009 2:26 pm

وبه نستعين, وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
قال الشيخ الفقيه الإمامُ العالمُ العاملُ العلامةُ المحدّثُ أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجى الأندلسيّ ثم القرطبي, رضي الله عنه:
الحمد لله المبتدئ بحمد نفسه قبل أن يَحْمَده حامد, وأشهد أن لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له, الربّ الصّمَد الواحد, الحيّ القيوم الذي لا يموت¹ ذو الجلال والإكرام, والمواهبِ العظام¹ والمتكلمُ بالقرآن, والخالقُ للإنسان, والمنعمُ عليه بالإيمان, والمرسلُ رسولَه بالبيان, محمداً صلى الله عليه وسلم ما اختلف الْمَلَوان, وتعاقب الجديدان¹ أرسله بكتابه المبين, الفارِق بين الشك واليقين¹ الذي أعجزت الفصحاءَ معارضتُه, وأعْيَت الألبّاءَ مناقضتُه, وأخرست البلغاءَ مشا كلته فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظَهِيراً. جعل أمثاله عِبَراً لمن تدبّرها, وأوامره هُدًى لمن استبصرها¹ وشرح فيه واجباتِ الأحكام, وفرّق فيه بين الحلال والحرام, وكرر فيه المواعِظ والقصص للإفهام, وضرب فيه الأمثال, وقصّ فيه غيب الأخبار¹ فقال تعالى: {مّا فَرّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} . خاطب به أولياءه ففهموا, وبيّن لهم فيه مراده فعلموا. فَقَرأةُ القرآنِ حَمَلَةُ سِرّ الله المكنون, وحَفَظَةُ علمه المخزون, وخلفاءُ أنبيائه وأمناؤه, وهم أهله وخاصّته وخِيرته وأصفياؤه¹ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لِلّهِ أهلِين مِنّا» قالوا: يا رسول الله, مَن هم؟ قال: «هم أهلُ القرآن أهلُ الله وخاصّته» أخرجه ابن ماجه في سننه, وأبو بكر البَزّار في مُسنده. فما أحَقّ مَن عَلِم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه, ويتذكّر ما شُرِح له فيه, ويخشى الله ويتّقيه, ويراقبه ويستحييه. فإنه قد حُمّل أعباء الرسل, وصار شهيداً في القيامة على من خالف من أهل الملل¹ قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شهداء عَلَى النّاسِ} البقرة: 143. ألا وإنّ الحجة على من علِمه فأغفله, أوكد منها على من قصر عنه وجَهِله. ومن أوتي علم القرآن فلم ينتفع, وزجرته نواهيه فلم يرتدع¹ وارتكب من المآثم قبيحاً, ومن الجرائم فضوحاً¹ كان القرآن حجةً عليه, وخَصْماً لديه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن حجة لك أو عليك» خرّجه مسلم. فالواجب على مَن خَصّه الله بحفظ كتابه أن يتلوه حق تلاوته, ويتدبّر حقائق عبارته¹ ويتفهّم عجائبه, ويتبيّن غرائبه¹ قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدّبّرُوَاْ آيَاتِهِ} (صَ: 29). وقال الله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} محمد: 24. جعلنا الله ممن يرعاه حق رعايته, ويتدبّره حق تدبّره¹ ويقوم بقسطه, ويوفي بشرطه, ولا يلتمس الهُدَى في غيره¹ وهدانا لأعلامه الظاهرة, وأحكامه القاطعة الباهرة, وجمع لنا به خير الدنيا والاَخرة, فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة. ثم جعل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بيان ما كان منه مجملاً, وتفسير ما كان منه مُشْكِلاً, وتحقيقَ ما كان منه محتملاً¹ ليكون له مع تبليغ الرسالة ظهور الاختصاص به, ومنزلة التفويض إليه¹ قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ} النحل: 44. ثم جعل إلى العلماء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم استنباط ما نبّه على معانيه, وأشار إلى أصوله ليتوصلوا بالاجتهاد فيه إلى علم المراد¹ فيمتازوا بذلك عن غيرهم, ويختصوا بثواب اجتهادهم¹ قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} المجادلة: 11. فصار الكتاب أصلاً والسنة له بياناً, واستنباط العلماء له إيضاحاً وتبياناً. فالحمد لله الذي جعل صدورنا أوْعِيَةَ كتابه, وآذاننا مواردَ سنن نبيّه¹ وِهمَمنا مصروفةً إلى تعلّمهما والبحث عن معانيهما وغرائبهما¹ طالبين بذلك رِضَا رب العالمين, ومتدرّجين به إلى علم المِلّة والدّين.
(وبعد) فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع, الذي استقل بالسّنّة والفَرْض, ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض¹ رأيتُ أن أشتغل به مَدَى عمري, وأستفرِغ فيه مُنّتِي¹ بأن أكتب فيه تعليقاً وجِيزاً, يتضمّن نُكَتَاً من التفسير واللغات, والإعراب والقراءات¹ والردّ على أهل الزّيْغ والضلالات, وأحاديثَ كثيرةً شاهدةً لما نذكره من الأحكام ونزول الاَيات¹ جامعاً بين معانيهما, ومُبَيّناً ما أشكل منهما¹ بأقاويل السلف, ومَن تبعهم من الخَلَف. وعَمِلتُه تذكرةً لنفسي, وذخيرةً ليوم رَمْسِي, وعملاً صالحاً بعد موتي. قال الله تعالى: {يُنَبّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدّمَ وَأَخّرَ} القيامة: 13. وقال تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مّا قَدّمَتْ وَأَخّرَتْ} الإنفطار: 5. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثٍ صدقةٍ جاريٍة أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له».
وشرطي في هذا الكتاب: إضافة الأقوال إلى قائليها, والأحاديث إلى مصنّفيها¹ فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله. وكثيراً ما يجيء الحديث في كتب الفقه والتفسير مُبْهَماً, لا يَعرف مَن أخرجه إلا من اطّلع على كتب الحديث, فيبقى مَن لا خبرة له بذلك حائراً, لا يعرف الصحيح من السقيم, ومعرفة ذلك علم جسيم, فلا يقبل منه الاحتجاج به, ولا الاستدلال حتى يضيفه إلى مَن خرّجه من الأئمة الأعلام, والثقات المشاهير من علماء الإسلام. ونحن نُشير إلى جُمَل من ذلك في هذا الكتاب, والله الموفق للصواب. وأضرب عن كثير من قَصَص المفسرين, وأخبار المؤرّخين, إلا ما لا بُدّ منه ولا غِنًى عنه للتبيين¹ واعْتضت من ذلك تبيين آي الأحكام, بمسائلَ تُسْفِر عن معناها, وتُرشِد الطالب إلى مقتضاها¹ فضمّنت كل آية لتضمن حُكماً أو حكمين فما زاد, مسائلَ نبيّن فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير الغريب والحكم¹ فإن لم تتضمن حُكماً ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل, هكذا إلى آخر الكتاب.
وسميته بـ (الجامع لأحكام القرآن, والمبيّن لما تضمّنه من السّنّة وآي الفرقان), جعله الله خالصاً لوجهه, وأن ينفعني به ووالديّ ومن أراده بمنّه¹ إنه سميع الدعاء, قريب مجيب¹ آمين.
باب ذكر جُمَل من فضائل القرآن, والترغيب فيه, وفضل طالبهوقارئه ومستمعه والعامل به اعلم أن هذا الباب واسع كبير, ألّف فيه العلماء كتباً كثيرة, نذكر من ذلك نُكَتاً تدلّ على فضله, وما أعدّ الله لأهله, إذا أخلصوا الطلب لوجهه. وعملوا به. فأوّل ذلك أن يستشْعِر المؤمن من فضل القرآن أنه كلام رب العالمين, غير مخلوق, كلامُ مَن ليس كمثله شيء, وصفةُ من ليس له شبيه ولا نِدّ, فهو من نور ذاته جلّ وعَزّ¹ وأن القراءة أصوات القُرّاء ونغماتهم, وهي أكسابهم التي يؤمرون بها في حالٍ إيجاباً في بعض العبادات, وندْباً في كثير من الأوقات¹ ويُزْجَرون عنها إذا أجْنَبُوا, ويثابون عليها ويعاقبون على تركها. وهذا مما أجمع عليه المسلمون أهل الحق, ونطقت به الاَثار, ودلّ عليها المستفيض من الأخبار¹ ولا يتعلق الثواب والعقاب إلا بما هو من أكساب العباد, على ما يأتي بيانه. ولولا أنه ـ سبحانه ـ جعل في قلوب عباده من القوّة على حمله ما جعله¹ ليتدبروه وليعتبروا به, وليتذكّروا ما فيه من طاعته وعبادته, وأداء حقوقه وفرائضه, لضعفت ولاندكّت بثقله, أو لتضعضعت له وأنّى تطيقه¹ وهو يقول ـ تعالى جَدّه ـ وقوله الحق: {لَوْ أَنزَلْنَا هَـَذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللّهِ} الحشر: 21. فأين قوّة القلوب من قوّة الجبال! ولكن الله تعالى رزق عباده من القوّة على حمله ما شاء أن يرزقهم¹ فضلاً منه ورحمة.
وأما ما جاء من الاَثار في هذا الباب ـ فأوّل ذلك ما خرّجه الترمذيّ عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الربّ تبارك وتعالى مَن شَغله القرآنُ وذِكْرِي عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أعطي السائلين ـ قال: ـ وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه». قال: هذا حديث حسن غريب. وروى أبو محمد الدّارميّ السّمَرْقَنْدِيّ في مسنده عن عبد اللّه قال: السبع الطّوَل مثل التوراة, والمِئون مثل الإنجيل, والمثاني مثل الزّبور, وسائر القرآن بعدُ فضلٌ. وأسْند عن الحارث عن عليّ رضي الله عنه وخرّجه الترمذي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون فِتَنٌ كقِطع اللّيل المظلم. قلت يا رسول الله وما المخرج منها؟ قال: كتابُ الله تبارك وتعالى فيه نَبَأ من قبلكم وخبرُ مابعدكم وحُكم ما بينكم هو الفَصْل ليس بالهَزْلَ من تركه مِن جبّار قصمه الله ومَن ابتغى الهُدَى في غيره أضلّه الله هو حبل الله المتين ونوره المبين والذّكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تَزِيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تتشعّب معه الاَراء ولا يشبع منه العلماء ولا يَملّه الأتقياء ولا يَخلق على كثرة الردّ ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجنّ إذ سمعته أن قالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً مَن علِم عِلمه سَبَق ومن قال به صدق ومَن حكم به عدل ومَن عمل به اُجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعْوَر». «الحارث» رماه الشعبيّ بالكذب وليس بشيء, ولم يَبِنْ من الحارث كذب, وإنما نُقم عليه إفراطه في حب عليّ وتفضيله له على غيره. ومن ها هنا ـ والله أعلم ـ كذّبه الشعبيّ¹ لأن الشعبيّ يذهب إلى تفضيل أبي بكر, وإلى أنه أوّل من أسلم. قال أبو عمر بن عبد البر: وأظنّ الشعبيّ عوقب لقوله في الحارث الهَمَدانيّ: حدّثني الحارث وكان أحد الكذّابين.
وأسند أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحويّ اللغويّ في كتاب «الردّ على من خالف مصحف عثمان» عن عبد اللّه بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن مأدَبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع عصمةُ مَن تمسك به ونجاةُ مَن اتبعه لا يعوجّ فيقوّم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلَق عن كثرة الردّ فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الَمَ حَرْفٌ ولا اُلْفيَنّ أحدكم واضعاً إحدى رجليه يدع أن يقرأ سورة البقرة فإن الشيطان يفرّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة وإن أصْفَر البيوت من الخير البيتُ الصّفِر من كتاب الله». وقال أبو عبيد في غريبه عن عبد اللّه قال: إن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن. قال: وتأويل الحديث أنه مَثَلٌ, شَبّه القرآن بصنيع صنعه الله عز وجل للناس, لهم فيه خير ومنافع, ثم دعاهم إليه. يقال: مأدُبة¹ ومأدَبة فمن قال: مأدُبة¹ أراد الصنيع يصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس. ومن قال: مأدَبة¹ فإنه يذهب به إلى الأدب, يجعله مَفْعَلة من الأدب, ويحتج بحديثه الاَخر: «إن هذا القرآن مأدَبة الله عزّ وجلّ فتعلّموا من مأدبته». وكان الأحمر يجعلهما لغتين بمعنًى واحد, ولم أسمع أحداً يقول هذا غيره. (قالSmile والتفسير الأوّل أعجب إليّ.
وروى البخاري عن عثمان بن عفّان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلّم القرآن وعَلّمه». وروى مسلم عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمِن الذي يقرأ القرآن مثل الأتْرُجَة رِيُحها طيّب وطعمها طيّب ومَثَلُ المؤمِن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومَثَلُ المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مُرّ ومَثَلُ المنافِق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحَنْظَلة لا ريح لها وطعمها مُرّ
جون المصري
جون المصري
عضو مميز
عضو مميز

عدد المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 16/11/2009
العمر : 31
الموقع : الشرقية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى